“نقيب المحامين الجزائريين: صنصال اختار بنفسه التخلي عن محاميه وزيمري ينشر ادعاءات غير صحيحة”

في تصريحات بارزة تواكب هجومًا فرنسيًا غير مسبوق، أعلن محمد بغدادي، نقيب المحامين في الجزائر العاصمة، أن الكاتب الفرنكو-جزائري بوعلام صنصال، الذي يخضع للتحقيق في السجن، قرر إلغاء توكيل جميع محاميه، بما في ذلك المحامي الفرنسي فرانسوا زيمري، الذي زعم أن الجزائر رفضت استقباله “لأنه يهودي”.
وفي حوار مع جريدة “الوطن” الناطقة بالفرنسية، أوضح النقيب أن صنصال أبلغ قاضي التحقيق بنواياه في الدفاع عن نفسه دون الحاجة إلى تمثيل قانوني، مؤكدًا أن هذا القرار هو مبادرة شخصية من صنصال ولم يكن نتيجة لأي ضغوط أو تدخلات خارجية.
وأكد بغدادي أن المحامي الفرنسي فرانسوا زيمري تواصل معه في وقت سابق طالبًا منه اقتراح محامين جزائريين قادرين على الدفاع عن صنصال، وقد لبى النقيب هذا الطلب وقدم ثلاثة محامين ذوي خبرة وكفاءة، من بينهم أقدم محامٍ في الساحة المهنية. تم تشكيل الفريق القانوني دون أية عقبات، وبدأ المحامون المكلفون عملهم بشكل طبيعي، حيث كانوا يقدمون تقاريرهم بشكل منتظم إلى زيمري ويتواصلون معه بشأن تطورات القضية.
وأشار بغدادي إلى أن المحامي زيمري لم يتمكن من الوصول إلى الجزائر بسبب عدم حصوله على تأشيرة دخول، وهو ما اعتبره أمرًا خارجًا عن إرادته وإرادة صنصال، لكنه أكد في الوقت ذاته أن غياب زيمري لم يؤثر على حق صنصال في الدفاع، حيث كان هناك محامون يتابعون القضية ويضمنون سير الإجراءات القانونية بشكل صحيح.
وفيما يتعلق بالادعاءات التي تشير إلى أن صنصال تعرض لضغوط من قبل أشخاص زاروه في مكان احتجازه لإجباره على تغيير محاميه، نفى بغدادي علمه بوقوع مثل هذه الحادثة، مؤكدًا أنه لم يتلقَّ أي شكاوى رسمية من صنصال أو من المحامين الذين كانوا يتولون الدفاع عنه.
وأضاف بغدادي أنه تفاجأ بتصريحات زيمري التي استمر فيها بتقديم نفسه كمحامي صنصال، رغم أن الأخير قد أرسل رسالة رسمية إلى قاضي التحقيق قبل أسبوع، يُعلن فيها بشكل صريح عن إلغاء توكيل جميع محاميه، بما فيهم زيمري، وقرر الدفاع عن نفسه بنفسه.
وفيما يتعلق بالحالة الصحية لصنصال، أشار بغدادي إلى أن الكاتب لا يزال يتلقى العلاج، وأن البروتوكول العلاجي الذي يخضع له بدأ في تحقيق نتائج إيجابية، بحسب ما أكده الأطباء المكلفون بمتابعة حالته. كما نفى بشكل قاطع الشائعات التي تحدثت عن شروعه في إضراب عن الطعام، موضحًا أن صنصال ربما أبدى في وقت سابق إمكانية الدخول في إضراب، إلا أنه لم يقدم على تنفيذه فعليًا، وهو أمر كان سيتسبب في تأثيرات سلبية على صحته.
وأضاف أن صنصال يتلقى رعاية طبية مستمرة في الجناح المخصص له بمستشفى مصطفى باشا، أكبر مستشفيات الجزائر العاصمة، حيث يتم مراقبته عن كثب من قبل الأطباء، ولم يطرأ أي تغير سلبي على حالته الصحية.
وفيما يخص تغطية الإعلام الفرنسي للقضية، انتقد النقيب ما وصفه بـ “المبالغة الإعلامية” التي رافقت قضية صنصال، معتبرًا أن بعض وسائل الإعلام، خصوصًا الفرنسية، نشرت معلومات غير دقيقة بشأن ظروف احتجاز الكاتب، دون التحقق من صحتها. وأوضح أن بعض التقارير الإعلامية تحدثت عن تعرض صنصال لضغوط، ومنعه من الحصول على دفاع مناسب، وهي معلومات يراها مغلوطة، خاصة وأنه، بصفته نقيب المحامين، يتولى شخصيًا الإشراف على سير الإجراءات القانونية الخاصة بالقضية.
وجه بغدادي انتقادًا مباشرًا للمحامي فرانسوا زيمري، مؤكدًا أن المحامي يجب أن يبتعد عن تحويل القضايا القانونية إلى مواضيع إعلامية مثيرة للجدل. وأوضح أنه عرض على صنصال إمكانية اختيار محامٍ آخر من الجزائر أو الخارج، طالما كان القرار نابعًا من إرادته الحرة.
وكانت تقارير صحفية قد أثارت جدلاً حول مزاعم رفض السلطات الجزائرية منح تأشيرة دخول للمحامي زيمري، بزعم أن أصوله اليهودية كانت السبب، وهو ما ذكرته مجلة “ماريان” الفرنسية. كما نقلت المجلة عن مسؤولين جزائريين عرضهم على صنصال استبدال زيمري بمحامٍ “غير يهودي”.
ويُعرف زيمري بتوجهاته الصهيونية، حيث دافع في عدة مناسبات عن مجرمي الحرب الإسرائيليين، مؤكدًا على موقف اليمين الفرنسي الذي يعتبر “إسرائيل دولة ديمقراطية” ولا يجب مقارنتها بـ “منظمة إرهابية” مثل حركة حماس.
فيما يتعلق باحترام الإجراءات القانونية في قضية صنصال، أكد بغدادي أن حقوق الدفاع تم احترامها بالكامل، وأن جميع المتطلبات القانونية الخاصة بالمحاكمة العادلة قد تم الالتزام بها. وأضاف أن تفاصيل القضية ما تزال خاضعة لسرية التحقيق، مما يعرقل إمكانية تقديم معلومات حول التهم الموجهة إليه.
وشدد بغدادي على أن النيابة العامة وقاضي التحقيق هما الجهتان الوحيدتان اللتان تملكان تفاصيل الملف، وأن المحامين المكلفين بالدفاع عن صنصال ملزمون بالتزام واجب التحفظ، مما يمنعهم من الإفصاح عن أي تفاصيل بشأن سير التحقيق.
وفي ختام حديثه، أشار بغدادي إلى أن تسريع إجراءات التحقيق سيساهم في إنهاء حالة الجدل والضبابية المحيطة بالقضية، مؤكدًا أن استمرار الغموض يزيد من تكهنات الشائعات. كما أكد على أهمية ضمان حق صنصال في الدفاع عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة، مع التأكيد على ضرورة الابتعاد عن تسييس القضية أو استغلالها اعلاميا.