تعد أمراض الضمور العضلي من أكثر الأمراض الوراثية تعقيدا وخطورة في الجزائر، إذ تؤثر بشكل مباشر على حياة آلاف من الجزائريين، خاصة منهم الأطفال في سن مبكر جدا وتؤدي إلى الإصابة بإعاقات شديدة وحتى الوفاة في بعض الحالات، ويطالب المصابون بهذه الأمراض عبر الجمعيات المتخصصة في المجال بضرورة التكفل بوضعيتهم الصحية، وإنقاذ حياتهم من خلال تسريع إجراءات التشخيص والعلاج.
وفي سياق ذلك، كشف رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الضمور العضلي أحمد بوشلوخ في تصريح لـ”الشروق”، على ضرورة إبقاء هذه الأمراض تحت المجهر من أجل التقليل من انتشارها وتخفيف العبء على العائلات المتضررة، مشيرا إلى أن أمراض الضمور العضلي تعد مشكلة صحية صعبة ومعقدة في الجزائر، ليس فقط بالنسبة للعائلات التي تعاني منها، بل وعلى مستوى الدولة نفسها، -على حد وصفه- نظرا للأعباء الاقتصادية والصحية الكبيرة التي تترتب على عملية توفير الأدوية الخاصة والرعاية اللازمة لهؤلاء المرضى.
وأشار محدثنا إلى أن هذه الأمراض، تصنف ضمن الأمراض “اليتيمة”، أي الأمراض النادرة التي لا تحصل على الدعم والاهتمام اللازمين، كما أنها تتميز بكونها تزداد تعقيدا بمرور السنوات، ما لم يتم الكشف عنها مبكرًا والتعامل معها بطرق طبية متطورة.
من جهة أخرى، تطرق المتحدث، في سياق تصريحه إلى أبرز التحديات التي يواجهها المرضى المصابون بأمراض الضمور العضلي في الجزائر، وهي نقص الفحوصات الطبية المتخصصة في الوقت الحالي، حيث يضطر العديد من المرضى وعائلاتهم إلى التنقل بين الولايات من أجل الحصول على فحوصات طبية دقيقة، مما يثقل كاهلهم نفسيا وماديا – حسب ذات المتحدث – وفي هذا الصدد تطالب الجمعية بإنشاء شبكة وطنية للفحوصات الطبية العصبية العضلية، وذلك لتقليل “التجوال الطبي” الذي يزيد من معاناة المرضى ويثقل كاهل عائلاتهم، وتحسين إدارة جراحة “العمود الفقري”، وهي إحدى المضاعفات الخطيرة التي يعاني منها مرضى الأعصاب العضلية، إذ تعتبر هذه الجراحة معقدة للغاية، في حالة لم تتم بشكل صحيح وقد تتسبب في مضاعفات خطيرة تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
وناشد رئيس الجمعية السلطات والوزارة المعنية، بضرورة تبني العلاجات الحديثة وتوفيرها للمرضى، مشيرا إلى أن هذا المطلب لا يقتصر فقط على توفير العلاجات في السوق، بل أيضًا على اتخاذ إجراءات جدية للكشف المبكر عن هذه الأمراض ومتابعتها بانتظام، بما يتماشى مع تعليمات رئيس الجمهورية ووزير الصحة الصادرة في أفريل 2022.
وتقدّر الجمعية الجزائرية لمكافحة الضمور العضلي عدد المصابين بهذه الأمراض في الجزائر بأكثر من 40 ألف حالة، موزعين بين حوالي 400 نوع مختلف من أمراض العضلات الوراثية، وتعتبر أمراض الضمور العضلي “الدوشيني” والضمور العضلي “الشوكي” من أخطرها، خاصة وأنها تصيب جميع الفئات العمرية منذ الولادة، كما أنها تؤدي إلى إعاقة جسدية شديدة، وتؤثر غالبا على نمو الأطفال وتطورهم بشكل طبيعي، حيث يعاني الأطفال المصابون بهذه الأمراض من مشاكل في الحركة، وصعوبة في التنفس، وانحناءات شديدة في العمود الفقري، مما يزيد من تعقيد حالاتهم الصحية، وهو ما شدد بخصوصه بوشلوخ، مطالبا بتسريع إجراءات استيراد الدواء الخاص بهذا المرض بعد توقفه منذ أشهر، وتدخل الوزارات المعنية لتوفيره، نظرا لضرورة تلقي هؤلاء الأطفال العلاج في أسرع وقت ممكن وتجنب تفاقم حالاتهم.
بالمقابل، طالبت الجمعية على لسان رئيسها، بتزويد المصالح البيولوجية الجزيئية على مستوى المستشفيات الكبرى في الجزائر بالوسائل اللازمة للتشخيص الدقيق، مما يخفف من معاناة المرضى ويعزز فرص العلاج المبكر، مضيفا أن تشخيص الأمراض الوراثية مثل الضمور العضلي، يعد تحديا في حد ذاته، حيث تحتاج المستشفيات الكبرى إلى تجهيزات متطورة تمكنها من تشخيص هذه الحالات بدقة، مما يسهم في تحديد نوع المرض ووضع خطة علاجية مناسبة.