بعد إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب لفترة حكم ثانية تفصلها أربع سنوات عن الفترة الأولى، ستتسابق دول العالم على إعادة رسم علاقاتها معه وحساب الآثار المحتملة لوصوله إلى البيت الأبيض على أوضاعها وقضاياها الحيوية.
ففي حين تبتهج روسيا وإسرائيل بفوزه، فإن الدول الأوروبية وبخاصة بريطانيا وحلفاء واشنطن في المحيطين الهادئ والهندي يواجهون موقفا أشد تعقيدا، وهذه الدول تحاول بلورة ردّها في ضوء تصريحات ترامب، مع العلم بأن صعوبة التنبؤ بقراراته وتناقض مواقفه كانا من أهم سمات فترة رئاسته السابقة وربما تكون أيضا في فترة رئاسته الثانية.
والحقيقة أن أغلب دول العالم تترقب سياسات ترامب تجاه مجموعة كبيرة من الملفات الحيوية من التجارة إلى الصراعات الجيوسياسية ومن قضايا المناخ إلى العلاقات الأميركية الأوروبية.
بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فإن ترامب يمكن أن يجعله أسوأ أو يفتح الباب أمام استقرار المنطقة.
ورغم انحيازه التام لإسرائيل فإن علاقته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متقلبة، ومما لا شك فيه أن نتنياهو كان يأمل في فوز ترامب، وإذا انحاز الرئيس الأميركي المنتخب إلى نتنياهو والتيار المتطرف في حكومته الذي لا يقبل بوجود دولة فلسطينية، فسيمثل ذلك خطورة كبيرة.
وسترى قطاعات من المجتمع الإسرائيلي أن حكم ترامب فرصة لضم الضفة الغربية إلى دولتهم والسيطرة على قطاع غزة أو إعادة احتلاله جزئيا، على أمل أن يدفع ذلك الفلسطينيين إلى مغادرة تلك المناطق إلى دول مجاورة.
وقد يجد نتنياهو في وجود ترامب تشجيعا على شن المزيد من الهجمات ضد إيران.
من ناحية أخرى، يبدو أن ترامب يعني ما يقوله بشأن إنهاء الصراعات، حتى لو كان ذلك فقط من باب الاهتمام بالمصالح الأميركية، لذلك قد يتعرض نتنياهو لضغوط لوقف قصف جنوب لبنان والتوصل إلى اتفاق في غزة مع حماس، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن.
ويمكن أن يسمح ذلك للرئيس المنتخب بالادعاء أنه حقق السلام في الشرق الأوسط، لكن توقيع مثل هذا الاتفاق بين تل أبيب والرياض سيظل مستحيلا دون التزام إسرائيلي واضح بإقامة دولة فلسطينية
معنى هذا أن السياسة الخارجية الأميركية ستصبح أصعب في التنبؤ بها.
وقد كان تطبيق ترامب لخططه في ولايته الأولى غير منظم ولا فعال بدرجة كبيرة، في الوقت نفسه فإن ترامب حريص على التحدث إلى القادة الذين يقفون حاليًا ضد المصالح “الغربية”، بما في ذلك روسيا.
لذلك يخشى حلفاء الولايات المتحدة التقليديون من أنه قد يضحي بالقيم الغربية ويدفع نحو نظام عالمي قائم على الصفقات وليس المبادئ.