خطأ كبير وقعت فيه الأجهزة الأجنبية المعادية للجزائر، بتواطؤ من حليفتها المغربية، عندما وظفت عمال بناء يحملون جواز السفر المغربي، في تهديد الأمن القومي الجزائري والإضرار بمصالحها، متنكرةً للبلد الذي فتح لعشرات الآلاف من هؤلاء طوال عقود من الزمن، البابَ واسعا لطلب الرزق والعمل في ورشات البناء الخاصة وحتى العمومية الممولة من خزينة الدولة، فعـمد بعض هؤلاء إلى جمع معلومات حساسة عن مواقع استراتيجية في الجزائر، تمهيدا على ما يبدو لمخططات خطيرة، ستُـظهر التحقيقات هدفها ومغزاها قريبا، بعد أن وضع الأمن الجزائري يده على أول شبكة من هؤلاء، واعترفوا بجرائم خطيرة تبدأ من إشاعة الأخبار الكاذبة والتضليل وغرس الفتنة في البلاد، ولا تنتهي عند التجسس والتعاون مع أطراف أجنبية مخربة.
عمال البناء الذين قدر عددهم حسب مصادر، ما قبل أزمة كورونا، بنحو نصف مليون عامل مغربي، تجاوز عدد كبير منهم بشهور وسنوات مدة الإقامة القانونية التي تلزمهم بمغادرة البلاد قبل مضي 3 أشهر، وفئة قليلة منهم من تحمل رخصة عمل، كل هذا يجري تحت أعين وعلم السلطات الجزائرية الإدارية منها والأمنية، لكنها تتجاوزه كما لا تفعل مع باقي الرعايا الأجانب، وتعلم الحكومة المغربية يقينا أن هذه الفرصة ساهمت بشكل كبير في إنقاذ قطاع البناء في المغرب من أزمته، ووفرت إيرادات هامة للعاطلين عن العمل في هذا القطاع في شتى ورشات البناء من المساجد إلى المدارس إلى السكنات الفردية والمشاريع الضخمة للسكن العمومي وغيرها.
يؤكد الواقع أن عمال البناء المغاربة كانوا لسنوات طويلة يحظون بحسن الاستقبال وكامل مشاعر التضامن والتعاطف من الجزائريين مؤسسات رسمية وشعبا، ولا زالت مواقع التواصل الاجتماعي تعجّ بشهادات هؤلاء الموثقة صوتا وصورة، وكيف أنّ بعضهم لم يكن يجد حرجا في القول أنه حتى في حال تجاوزه المدة القانونية للإقامة في الجزائر، بحسب ما يخوله القانون، وحتى عندما يُكتَشفون يعملون دون رخصة قانونية ويجنون أموالا ويخزنونها ويحملونها معهم نقدا في جيوبهم إلى بلدانهم، كانت المؤسسات الجزائرية تغضّ الطرف عن الموضوع وتعتبر هذا جزءًا من عربون حسن الجوار ولحمة الدم والتاريخ التي صنعها الشعبان ، وأن معالجة هذه الخروقات يجب ان تتم بحكمة وتبصّر بما لا يضرّ بهذه الصورة ولا يخدشها في أعين عامة الناس، حتى لو ثبت تورط أجهزة ومؤسسات مغربية في تسهيل مرورهم عبر الحدود البرية المغلقة.
لكن التطورات الخطيرة واكتشاف الأمن الجزائري شبكة، قد لا تكون الوحيدة التي لا زالت تشتغل، تهدد الأمن وتعضّ اليد التي مُدت إليها، لم يكن في وسع الجزائر سوى التحرك سريعا لحماية أمنها، بل ولحماية الآلاف من العمال المغاربة الأبرياء من التوظيف الخاطئ والاستغلالي لوضعهم من أجهزة مغربية وأمنية متواطئة، فكانت البداية بفرض تأشيرة الدخول الى الجزائر على حاملي جواز السفر المغربي، لإخراج العمال الأبرياء منهم أولا من دائرة التوظيف والاستغلال، ثم الضرب بيد القضاء والقانون على الشبكات التي يثبت تورطها.