نستهل هذا الحوار من خرجتك الإعلامية مع كبير حاخامات فرنسا و التي أثارت جدلا كبيرا، حيث رأى البعض أن بعض تصريحاتك أثارت كثيرا من الجدل وأعطاها الإعلام الفرنسي قراءات تشكك في موقفك اتجاه القضية الفلسطينية ؟
نعم بالطبع، كلامي تم إخراجه عن سياقه وتحميله أكثر مما يحمل من معنى، تصريحاتي خلال اللقاء المشار إليه مع القناة الفرنسية أخرجت من سياقها، وإجابتي على السؤال المتعلق بمنظمة حماس تم تأويله بعيدا عن مراميه و ردي تم تأويله و تحريفه بطريقة متعمدة.
بالعودة إلى هذه المقابلة التلفزيونية، لم تكون أي إشارة في كلامي حول ما تم تأويله من بعض الجهات لما قيل و هذا ما يدل على أن هناك مناورة خسيسة لتحريف كلامي. موقفي واضح وصريح، يتمثل، من جهة، في نبذ العنف وقتل الأبرياء، ومن جهة أخرى مساندة ودعم الشعب الفلسطيني في حهة المنشود، حتى يعيش بسلام وأمان في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
سلمت لرئيس المجلس الأعلى السمعي البصري الفرنسي، روش أوليفييه مايستر، رسالة عبرت فيها عن قلقك من الخطاب المناهض للمسلمين في وسائل الإعلام الفرنسية. هل لمستم حقا انتشار خطاب الكراهية ضد المسلمين في فرنسا ؟
نعم فعلا، كما تفضلتم الرسالة التي تحمل عدة أبعاد إنسانية واجتماعية ودينية وبالتالي دعوتي، التي تمثل موقف مسجد باريس الكبير، جاءت بعد متابعة دقيقة ومراقبة مستمرة على مدار الأسابيع الأخيرة للخطاب الإعلامي الذي تزايدت حدته في فرنسا، و نؤمن بأن كل خطاب يحمل الكراهية والعنف لا يولد، كرد فعل بالمقابل، إلا الكراهية و العنف.
في مسجد باريس الكبير لم نكتف فقط بالتحذير من معاداة المسلمين والتضييق الإعلامي والاجتماعي عليهم، بل دعونا أيضا إلى مكافحة معاداة السامية بشكل عام وهذا دورنا وواجبنا لاسيما في مثل هذه الظروف.
هل هناك حقا مخاوف بأن يكون للموقف الفرنسي الرسمي من الحرب على غزة، ارتدادات على الأراضي الفرنسية؟
أولا لابد من التنويه بأننا نعيش في مجتمع منفتح متعدد الأطياف ما يصطلح عليه مجتمعات “كوسموبوليت”، يجمع مختلف الأعراق والأطياف والأجناس والأديان والمذاهب.
فهنا في فرنسا مثلا، تجد المسلم يجاور اليهودي والمسيحي والبوذي والهندوسي واللاديني، جميعهم يشتركون في تجمع سكني واحد ومجتمعنا يمثل فضاءً مكانيا وسياقا تاريخيا وزمنيا له خصوصيته، لذلك كل التخوف من إثارة الفتن الإيديولوجية والطائفية والدينية بين فئات الشباب خاصة كونهم أكثر تحمسا واندفاعا، وهذا أكثر ما نخشاه في الوقت الحالي ولذا جاءت دعوتنا للتهدئة وبث خطاب يدعو إلى السلام والتعايش ونبذ العنف والكراهية.
المسلمون في فرنسا يشعرون بأنهم غير محميين من خطاب العنصرية عكس باقي الديانات التي تتمتع بحماية أكبر… هل تعتقدون أم مسجد باريس يؤدي دوره كما ينبغي في حماية الإسلام و المسلمين ؟
أعتقد أن خطاب العداء والكراهية يمكن أن يمس المسلمين كما هو الحال مع غيرهم من الجاليات الأخرى، فقد كشفت وزارة الداخلية الفرنسية -مثلا- على 1200 حالة كراهية ومعاداة للسامية تمثلت في الشتم المباشر والسخرية ووصلت لحد الضرب نالت من مواطنين فرنسيين من الديانة اليهودية خلال الأسابيع الماضية. هنا أؤكد لكم انطلاقا من مسؤوليتي على رأس عمادة مسجد باريس الكبير، الذي يعدُّ أقدم مؤسسة إسلامية في فرنسا التي دافعت عن كرامة المسلمين في هذا البلد طوال مائة عام ولا تزال كذلك، أؤكد على مواصلتي الدفاع على كرامة المسلمين وحقوقهم وحريتهم في ممارسة دينهم وعبادتهم، كما أنني أتصدى لمن يستغلون الدين لمآرب سياسية قصد تشويهه وإعطاء صورة سيئة عنا في الغرب.
بالعودة إلى الحرب على غزة، بيانات التنديد و التباكي لم تعد تنفع و لم تغير من وضعية الشعب الفلسطيني منذ عقود. ما هي رؤيتك لإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية ؟
بالفعل، الضحايا وعائلاتهم من شيوخ ونساء وأطفال أبرياء، ينتظرون حلولا عملية بدل الخطابات الطويلة وكثرة الكلام الذي لا يفيد، لهئا أؤكد موقفي المتمثل أولا في ضرورة وقف أي عملية عنف وقتل للأبرياء، ومن جهة أخرى مساندة ودعم الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في أقرب الآجال و قبل نهاية السنة.
ما موقفك من التحليلات التي تصف الصراع الحاصل في الشرق الأوسط بشكل مباشر بمشكلة دينية أكثر منها سياسية ؟
لقد وضحنا موقفنا في البيان الذي أصدرناه يوم 8 أكتوبر 2023، و أبدينا فيه بكل أسف وألم موقفنا مما يحدث، وعبرنا فيه بداية عن تعاطفنا مع الضحايا الأبرياء وشددنا على ضرورة إخراج الدين من دائرة الصراع حتى لا يتم استغلاله من أطراف تريد تشويه الإسلام، كما رأينا في مرات سابقة، الإعلام يتناول دائما قضايا إجتماعية والصراعات الأيديولوجية المرتبطة بالإسلام بطريقة منحازة و مفضوحة وبالتالي لا يستقيم أبدا ربط ما يحدث بقضية دينية أو عقائدية بل يجب أن تبقى في إطارها.
سناء خطاب