اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الأربعاء مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة، حيث لا يزال أكثر من ألفي شخص عالقين، بعد معارك عنيفة في محيط المنشأة التي تتهم الدولة العبرية حماس باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الطواقيم الطبية والمنظمات الإنسانية العاملة في القطاع.
وأكد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون فجرا اقتحام المستشفى الواقع في مدينة غزة بشمال القطاع، والذي دارت في محيطه منذ أيام معركة عنيفة تخللها تعرضه لقصف من الجيش الاسرائيلي المتقدم معززا بالدبابات.
وأكد وكيل وزارة الصحة ا في غزة يوسف أبو الريش لوكالة فرانس برس رؤية الدبابات خارج المجمع، مؤكدا دخول “عشرات الجنود” الى مبنيي الطوارئ والاستقبال.
وأتى البيان بعيد إعلان المتحدّث باسم وزارة الصحة في غزة أنّ الجيش الإسرائيلي اتّصل هاتفياً بوكيل الوزارة لإخطاره بأنّ قواته ستقتحم المستشفى.
وقال الدكتور أشرف القدرة لقناة الجزيرة القطرية عبر الهاتف إنّ “الاحتلال الإسرائيلي تواصل مع وكيل وزارة الصحة وأبلغه أنّه خلال الدقائق القادمة سيتمّ اقتحام مجمّع الشفاء الطبّي وطلب أن يتمّ إبلاغ الجميع بعدم الوقوف قرب النوافذ حتى لا يكون هناك خطر على حياتهم”.
وكانت تقديرات الأمم المتحدة أشارت الى وجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية والعديد من النازحين، مرجحة أن يكونوا غير قادرين على مغادرته في ظل المعارك العنيفة التي تدور في محيطه.
وقالت منظمات إنسانية في وقت سابق إن الأشخاص الموجودين في المستشفى تعرضوا لإطلاق نار لدى محاولتهم المغادرة.
وكانت الظروف صعبة داخل المجمع خصوصا في ظل انقطاع الكهرباء منذ أيام.
وقال مدير المستشفى محمد أبو سلمية الثلاثاء أن “179 جثة” على الأقل دفنت في “قبر جماعي” في باحة المجمع، موضحا أن بينهم سبعة أطفال خدج توفوا جراء انقطاع الكهرباء.
وأضاف “اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي” مشيرا إلى أن “الجثث تنتشر في ممرات المستشفى والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح” مع عدم دخول أي كمية من الوقود إلى القطاع منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأشار الى أن عدد الوفيات في وحدة العناية المكثفة بلغ 29 منذ السبت.
وحضّ أبو الريش المجتمع الدولي والأمم المتحدة على التدخل العاجل “لوقف عملية الاقتحام” الاسرائيلية، مشيرا الى أن في المجتمع “آلاف من الجرحى”.
وأشار صحافي متعاون مع فرانس برس في المجمع الى أن الجيش الإسرائيلي كان يقوم صباح الأربعاء باستجواب الموجودين ومن بينهم أطباء ومرضى.
ويأتي اقتحام المستشفى في خضم عمليات برية يشنّها الجيش الإسرائيلي ضمن الحرب التي اندلعت بينه وبين حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بعد هجوم غير مسبوق نفّذته على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وتقصف إسرائيل القطاع دون هوادة منذ 7 اكتوبر، وبدأت شنّ عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر بهدف “القضاء” على الحركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007.
وقال الجيش الثلاثاء إن 46 جنديا قتلوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة الثلاثاء أن 11320 شخصا قتلوا في القصف المتواصل على القطاع المحاصر، وأن من بين القتلى 4650 طفلا.
وأتت عملية الاقتحام بعيد تكرار الولايات المتحدة الحليفة لإسرائيل وداعمتها منذ بدء الحرب الاتهامات التي توجهها الدولة العبرية.
وقالت حماس في بيان “ندين بشدة ونرفض تصريحات البنتاغون والبيت الأبيض التي يتبنّون فيها أكاذيب” إسرائيل حول استخدام الحركة مستشفيات لغايات عسكرية في انتهاك للقانون الدولي.
واعتبرت أن هذه التصريحات هي “بمثابة ضوء أخضر أميركي لارتكاب الاحتلال لمزيد من المجازر الوحشية بحقّ المستشفيات بهدف تدمير القطاع الصحي والضغط على شعبنا لتهجيره من أرضه”.
وفي أعقاب الاعلان عن الاقتحام الاسرائيلي، حضّ البيت الأبيض على “حماية المستشفيات والمرضى”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي “لن نعلّق بالتفصيل على العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية”.
وأضاف “كما قلنا من قبل، نحن لا نؤيّد قصف مستشفى من الجوّ، ولا نريد أن نرى تبادلاً لإطلاق النار يحصل داخل مستشفى يوجد فيه أبرياء وأناس لا حول لهم ومرضى يبحثون عن الرعاية الصحية التي يستحقّون، أنفسهم عالقين في مرمى النيران”، متابعا أنه “يجب حماية المستشفيات والمرضى”.
وأضاف المتحدث ستيفان دوجاريك “باسم الإنسانية، يدعو الامين العام الى وقف إنساني فوري لإطلاق النار”.
ومجمع الشفاء الطبي ليس الوحيد الذي يعاني في قطاع غزة جراء المعارك.
فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة مطلع الأسبوع أن كل مستشفيات شمال قطاع غزة حيث تتركز المعارك باتت “خارج الخدمة” بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود.
واعلنت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء أن 22 من أصل 36 مستشفى في غزة باتوا خارج الخدمة.
وفي مقابلة أجرتها معها شبكة بي بي سي قالت مديرة الإعلام والتواصل لدى وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) جولييت توما إن “الأوضاع تتفاقم على مر الدقائق”.
ويخضع قطاع غزة منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر لحصار إسرائيلي كامل يحرمه من الماء والكهرباء والوقود والأدوية. وتفرض أسرائيل أساسا حصارا بريا وبحريا وجويا على قطاع غزة منذ تولي حماس السلطة فيه في العام 2007.
والإثنين وصلت 155 شاحنة مساعدات من مصر بحسب الهلال الاحمر الفلسطيني، ليرتفع بذلك عدد هذه الشاحنات إلى 1135 منذ 21 تشرين الأول/اكتوبر.
وتواصل الأمم المتحدة اطلاق مناشدات لإدخال الوقود إلى غزة لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات خصوصا، لكن إسرائيل ترفض بحجة أن تستخدم حماس المادة لعملياتها العسكرية.