_فتحت الجريدة الرسمية آفاقًا جديدة في مجال التعليم الطبي بإعلانها عن إنشاء جامعة متخصصة في العلوم الصحية، يأتي هذا الإعلان تتويجًا لجهود حثيثة لتطوير القطاع الصحي في الجزائر، ويمثل نقلة نوعية في مجال التكوين الطبي وتلبية احتياجات سوق العمل.
ويأتي إنشاء جامعة للعلوم الصحية، وفقا للمرسوم التنفيذي 24-320 الصادر بالجريدة الرسمية رقم68، في إطار الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بعد أزمة جائحة “كورونا” والرامية لإصلاح منظومة التكوين في العلوم الصحية بما يتماشى وتحدّيات العصر والتطورات الحاصلة في المجتمع، إذ تعد هذه الجامعة إحدى الركائز الأساسية التي يعوّل عليها لإصلاح التكوين في العلوم الطبية، بالإضافة إلى الإصلاحات التي مسّت برامج التكوين منذ السنوات الأخيرة وما تزال متواصلة للوصول إلى الهدف المنشود، وهو التكوين لتخريج مختصين في العلوم الصحية (أطباء، دكتور في الصيدلة، دكتور أسنان).
وتضم جامعة العلوم الصحية، التي سيكون مقرها الجزائر العاصمة، من 3 كليات خاصة بالطب، طب الأسنان والصيدلة، وستحل الجامعة محل كليتي الطب والصيدلة بجامعة الجزائر، إذ ستساهم، حسب ما أكده وزير التعليم العالي والبحث العلمي، البروفيسور كمال بداري عبر صفحته الرسمية “الفايس بوك”، في تحسين جودة التعليم العالي والبحث العلمي، وتعزّز مكانة الجزائر على المستوى القاري والدولي، مما يعكس الطموحات الجديدة للجزائر.
وبهذا الصدد، أكد مدير التكوين العالي بالوزارة، علي شكري بأن الغرض من إنشاء جامعة علوم الصحة هو مواكبة التطورات الحاصلة في علوم الصحة على المستوى العالمي لتحسين مرئية الشهادات من جهة، وتكوين مختصين في الصحة بإمكانهم مجابهة المخاطر الصحية المستجدة، مشيرا إلى أن الهدف من إنشائها هو أن تصبح قاطرة للتكوين في العلوم الطبية (طب عام، صيدلة، طب الأسنان) من أجل تحسين وجودة المستوى وكذا تحسين نوعية الرعاية الطبية للمواطنين، ومن ثمّ، تخريج كفاءات بمستوى عال في العلوم الصحية تماشيا وما تفرضه التحدّيات العالمية في مجال الصحة.
وبخصوص الفرق بين التكوين في هذه الجامعة وكليات الطب الأخرى وما ستضيفه للتكوين في العلوم الطبية، قال مدير التكوين العالي، إن جامعة علوم الصحة ستتولى مسؤولية وضع منهجيات لتصميم المناهج واقتراح برامج الدراسات للتكوين الأساسي في إطار توجّه سريري ووبائي واجتماعي بمنظور بيئي وإنساني وذلك بهدف إيجاد حلول لمشاكل المجتمع الصحية، منوها بأن ما ستضيفه هذه الجامعة المتخصّصة يكمن في إرساء قواعد علمية ومعرفية للتخصّصات الجديدة كالشهادات المزدوجة وإدراج التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية، على عكس الكليات الحالية التي تقدّم تكوينا في التخصّصات التقليدية رغم أن البرامج ستكون موحّدة
وأفاد ذات المسؤول، بأنه بالإضافة إلى المسارات الحالية المعتمدة في التكوين في العلوم الطبية، ستكون لجامعة علوم الصحة القدرة على تقديم مسارات وبرامج دراسية جديدة لتكوين محترفين مؤهلين في مجالات متعلقة بالطب العام والصيدلة وطب الأسنان، كما يمكنها أن تعزّز البحث العلمي في هذا المجال.
وكشف شكري، في ذات السياق، أن جامعة علوم الصحة ستضاف إلى المؤسسات التي تم انتقاؤها من أجل البدء في العمل للانتقال إلى جامعة من الجيل الرابع متميزة بمجموعة من الخصائص التي تجعلها مختلفة عن الجامعة التقليدية سواء من حيث الحوكمة أو من حيث التعليم المضمون الذي يمزج بين التكنولوجيا الحديثة وأساليب التعليم.
ومن جهته، قال البروفيسور مرزاق غرناوط، عميد كلية الطب بجامعة الجزائر 1، “يوسف بن خدة”، إن إنشاء هذه الجامعة المتخصّصة في العلوم الصحية كان مطلبا ملحا للأساتذة منذ سنوات عديدة، إلى أن رأى النور، مع حرص ومتابعة وزير القطاع، كمال بداري، إذ صدر القرار رسميا في الجريدة الرسمية ليكون اللبنة الأساسية للإصلاح الذي مسّ التكوين في العلوم الطبية منذ سنوات، على حد تعبيره.
وأشار البروفيسور غرناوط إلى أن جامعة العلوم الصحية ستتكون من 3 كليات وهي (الطب، الصيدلة، طب الأسنان)، مؤكدا أن “هذا مكسب للجزائر والجزائريين”.
وعن الهدف من وراء إنشاء هذه الجامعة المتخصّصة والأولى من نوعها في الجزائر، شرح ذات المتحدث بأنها ستساهم في خلق محيط مناسب لكل الطلبة الذين يختارون دراسة التكوينات المتعلقة بعلوم الصحة، إذ سيكون التعليم الموجّه للطلبة نوعيا، كما ستستفيد الكليات ضمن هذه الجامعة المتخصّصة من ميزانية لاقتناء اللوازم والتجهيزات لتقديم تكوين نوعي ويواكب التطورات الحاصلة في العالم .
وأكد عميد كلية الطب، بأن إنشاء جامعة متخصّصة في العلوم الصحية سيمكّن من جمع جميع التخصّصات الطبية والتي تعنى بمجال الصحة في مكان واحد، لتبادل الخبرات والاستفادة بين الأساتذة والطلبة، فضلا عن تعزيز التخصّصات في المسارات المزدوجة والتي انطلقت هذه السنة، إذ سيسمح هذا المسار من تكوين طبيب لديه خبرة في مجالين مختلفين ومترابطين، حيث ستكوّن الجامعة طبيبا مختصا في الصحة وله دراية في التكنولوجيات الحديثة.