آخر الأخبار

لماذا أسال ثالث أيام الباكلوريا دموع المترشحين ؟

شهدت مراكز إجراء امتحان شهادة البكالوريا، في يومها الثالث، أجواء استثنائية اتسمت بالتوتر والانفعال، خاصة لدى مترشحي شعبة الآداب والفلسفة، وذلك مباشرة بعد تسلمهم أسئلة اختبار مادة الفلسفة. حيث تم تسجيل حالات بكاء هستيري وإغماءات داخل عدد من القاعات، نتيجة ما وصفه المترشحون بـ”الصدمة” من طبيعة الأسئلة المطروحة.

ورغم أن المواضيع لم تكن تعجيزية أو خارجة عن الإطار العام للبرنامج، إلا أن المفاجأة تمثلت في ابتعادها التام عن التوقعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعن المواضيع “المرشحة” التي تلقاها التلاميذ خلال الدروس الخصوصية، ما أوقعهم في ارتباك شديد وشعور بالخذلان.

الصدمة الجماعية.. بين الحفظ الأعمى والتفكير النقدي

وأكد عدد من المترشحين أن الأسئلة لم تراعِ ما تم تدريسه فعليًا حسب تعبيرهم، بل تطلبت تحليلاً عميقًا واستيعابًا فلسفيًا حقيقيًا، ما وضعهم في موقف صعب. وأشار البعض إلى أن بعض المحاور الفلسفية لم تُدرّس أصلًا داخل الأقسام، مما زاد من حدة التوتر، وخلق حالة من الفوضى في بعض المراكز، وصلت حد رفض مواصلة الامتحان، والتلويح بالمطالبة بإلغائه.

وأفادت مصادر من داخل مراكز الإجراء، أن رؤساء المراكز تدخلوا بسرعة لاحتواء الوضع، بالتعاون مع الطواقم الطبية وبعض الأساتذة المرافقين، حيث تم تقديم الدعم النفسي للتلاميذ ومحاولة تهدئتهم.

تسيير ومحاسبة.. قلق أقل لكنه حاضر

من جهة أخرى، لم تقتصر حالات الاستياء على شعبة الآداب والفلسفة فقط، بل شملت أيضًا مترشحي شعب التسيير والاقتصاد، وبالخصوص في مادة التسيير المالي والمحاسبي، وإن كانت حدة التذمر أقل نسبيًا.

في المقابل، أعرب مترشحون من شعب اللغات الأجنبية، التقني رياضي، والعلوم التجريبية، عن ارتياح نسبي تجاه مواضيع الامتحان، رغم اعترافهم بصعوبة بعضها.

خبراء: ما حدث نتيجة ثقافة التوقعات والدروس الخصوصية

وفي تعليقهم على الجدل المثار، أكد مفتشو مادة الفلسفة أن مواضيع الفلسفة كانت في صميم الإشكال الفلسفي، لكنها اصطدمت بمترشحين اعتادوا على الحفظ الجاهز دون تمرس حقيقي على بناء الحجج ومهارات التفكير النقدي.

وقد اعتبر أستاذة علم النفس التربوي ما جرى نتيجة “تراكمات سلوكية ومعرفية”، ناجمة عن الإفراط في الاعتماد على التوقعات والدروس الخصوصية، مشيرًا إلى أن الانهيارات النفسية تعكس هشاشة الاستعداد التربوي والعاطفي، وليس فقط المعرفي.

و أن مظاهر البكاء والفوضى ليست مجرد ردود أفعال عاطفية، بل رسائل تعبّر عن غياب مهارات التكيّف والخوف من الفشل، ما يدعو إلى ترسيخ ثقافة التعامل مع المفاجآت داخل الأسر المدارس.

نحو تجاوز ثقافة التوقعات

ما حدث في هذا اليوم يعيد طرح إشكالية الاعتماد المفرط على التوقعات والدروس الخصوصية، ويؤكد ضرورة تعزيز مهارات التحليل والفهم لدى التلاميذ، لبناء شخصية مفكرة، قادرة على التعامل مع الأسئلة بمرونة ونضج، بدلًا من الحفظ الانتقائي والاستعداد وفق قوائم مرشحة.

مقالات ذات صلة