أفرجت وزارة التربية الوطنية عن المنشور الوزاري، الذي يوضح بدقة شروط وكيفيات إعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، وكذا الترتيبات التنظيمية المعتمدة لهذه الهيكلة والتوجيهات المتعلقة بالمرافقة البيداغوجية لها، إذ تقرر الرفع في الحجم الساعي للرياضيات لتعزيز تعلمها، باعتبارها مادة أساسية وكذا للأنشطة اللاصفية على غرار التربية البدنية والرياضية والتربية الفنية، فضلا عن استحداث ما يصطلح عليها “بالألعاب الرياضياتية” والتي سيتم دعهما “بدليل خاص” لتسهيل المهمة على المربين.
وقصد، دعم الهدف المبتغى وهو تخفيف الضغط على التلاميذ أقسام الأولى والثانية، فقد أقرت الوصاية إلغاء مادتي التربية المدنية والعلوم من المقرر الدراسي بصفة نهائية والاحتفاظ بالمواد الثلاث وهي اللغة العربية والرياضيات والتربية الإسلامية، إلى جانب الأنشطة اللاصفية.
وفي مقابل ذلك، فقد أمرت السلطة الوصية بأهمية التركيز على التعلمات الأساسية في تدريس تلاميذ السنتين الأولى والثانية، وتشمل مواد اللغة العربية والرياضيات والأنشطة اللاصفية على غرار التربية البدنية والرياضية والتربية الموسيقية والتشكيلية، وذلك لأجل تخريج جيل جديد من المتعلمين، يحسنون القراءة والكتابة والإملاء ويتقنون الحساب ويتمتعون بقدرات بدنية ونفسية وعقلية متوازنة.
ولفتت المديرية العامة للتعليم بالوزارة الوصية في منشور وزاري مؤرخ في الـ27 أوت الجاري ويحمل الرقم 172، إلى أن التعديلات التي تم إدراجها على مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، ستدخل حيز التطبيق بداية من الدخول المدرسي المقبل 2024/2025، وذلك في إطار تنفيذ مخطط عمل الحكومة، المنبثق عن برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وسعيا لتجسيد الالتزام الرامي إلى إطلاق مراجعة بيداغوجية، وتجسيد البرنامج الدراسي لفائدة النشاطات الثقافية والرياضية والفنية، لتحقيق تنمية قدرات التلاميذ.
التركيز على المهارات اللغوية والرياضياتية والرياضة في تدريس التلاميذ
وبهذا الصدد، أوضحت المديرية العامة للتعليم بأن إعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، هي عملية حيوية، تهدف إلى تحسين جودة التعليم وتلبية احتياجات التلاميذ المختلفة، وخلق بيئة تعلمية محفزة ومتنوعة، تسمح بتعزيز النمو الشامل والمتوازن للتلاميذ، وتجعلهم مستعدين لمراحل التعليم اللاحقة، وهو الأمر الذي لا يتأتى إلا عن طريق التركيز على التعلمات الأساسية، والتي تشمل المهارات اللغوية “اللغة العربية كتابة وقراءة وإملاء”، والرياضياتية القاعدية “الحساب”، وكذا المهارات اليدوية والبدنية والفنية، التي يحتاجها التلاميذ للتفاعل مع العالم من حولهم، ومواصلة تعلماتهم في الأطوار التعليمية اللاحقة، والمقصود بها هو “الأنشطة اللاصفية” وتشمل بدورها الأشغال اليدوية والتربية البدنية والرياضية والتربية التشكيلية والموسيقية.
التربية الإسلامية لتخريج تلاميذ متشبعين بالقيم الدينية
بالإضافة إلى تجسيد الهدف الثاني، والمتعلق بتدعيم التكوين على القيم والمواقف، بالتركيز على القيم الدينية والخلقية التي تلعب دورا حيويا في تشكيل السمات الشخصية والقيم الأساسية لدى تلاميذ هذه المرحلة العمرية، وتؤثر في سلوكاتهم واتجاهاتهم في المستقبل، إلى جانب تنفيذ المبتغى الثالث، ويتمحور حول تمكين التلاميذ من عيش طفولتهم، بتوفير بيئة تعلمية إيجابية تحقق متعة التعلم لديهم، وذلك بتدعيم أنشطة التربية الفنية والتربية البدنية والرياضية، كونها وسيلة مساهمة في التنمية الشاملة لشخصية المتعلم.
علاوة على تحقيق الهدف الرابع والمتمثل في إعادة تنظيم حصص التعلم، لتعزيز فعاليته وجعل الأنشطة التعليمية التعلمية محفزة وممتعة، بما يلبي احتياجات التلاميذ المختلفة، ويضمن تطوير مهاراتهم بشكل متكامل.
رفع الحجم الساعي للرياضة إلى ساعتين.. والتربية الفنية إلى ساعة ونصف
وفي الشق الخاص بالتعديلات المدرجة على شبكة مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، أكدت الوصاية على أن تنفيذها على أرض الواقع، لا يتجسد إلا عن طريق تدعيم أولا ممارسة التربية البدنية والرياضية، بإضافة ساعة واحدة ليصبح توقيتها ساعتين في الأسبوع، وذلك لأجل تعزيز الصحة البدنية والنفسية والعقلية للمتعلمين، وتطوير مهاراتهم الحركية الأساسية، بما يتيح لهم فرصا للتفاعل الاجتماعي، والتعاون، ويساعدهم على بناء الثقة بالنفس وتعزيز مهارات التواصل.
بالإضافة إلى ضرورة تثمين التربية الفنية كإجراء ثان، بإضافة 45 دقيقة لتوقيت المادة، ليصبح ساعة ونصف أسبوعيا، لتمكين التلاميذ من أدوات التعبير عن الأفكار والمشاعر والعواطف بطريقة إبداعيّة، وتحسين مهاراتهم الحركية، فضلا عن تعزيز الوعي البصري والحسي لديهم.
تعزيز تعلم الرياضيات بإضافة 30 دقيقة أسبوعيا
وإلى ذلك، فقد تقرر أيضا تعزيز تعلم الرياضيات كإجراء ثالث، بإضافة 30 دقيقة أسبوعيا، تخصص للألعاب الرياضياتية، قصد توظيف ما يصطلح عليها بـ”الميول الفطرية” للتلاميذ للاستمتاع بكل ما هو تحد، واستغلالها لاستكشاف المفاهيم الرياضياتية بشكل مبكر ومحفز عن طريق اللعب”.
أما بخصوص الشبكة الجديدة لمواد وتواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، فقد أبرزت الوصاية بأن الحجم الساعي الأسبوعي المخصص لخمس مواد مجتمعة، أصبح 21 ساعة، بمعدل 11 ساعة تدريس في مادة اللغة العربية، 5 ساعات في مادة الرياضيات، ساعة ونصف تدريس في تخصص تربية إسلامية، وساعة ونصف في مادة التربية الفنية “موسيقية وتشكيلية”، وساعتين تدريس في مادة التربية البدنية والرياضية.
في حين وصل عدد الحصص الأسبوعية في خمس مواد 29 حصة، وذلك بمعدل 14 حصة في مادة اللغة العربية، 7 ساعات في الرياضيات، 3 ساعات في التربية الإسلامية، 3 ساعات في التربية الفنية وساعتين في الرياضة.
وفي مقابل ذلك، فقد بلغ عدد الحصص ذات ساعة في خمس مواد مجتمعة ثماني ساعات، ليصل عدد الحصص ذات 30 دقيقة في خمس مواد 6 ساعات.
إعادة توزيع أساتذة الرياضة لتحقيق تغطية شاملة للمدارس
وبشأن الترتيبات التنظيمية لإعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، أشارت الوزارة الوصية بأن تجسيدها يتطلب أهمية إعادة توزيع أساتذة المدرسة الابتدائية للتربية البدنية والرياضية، بالشكل الذي يضمن التغطية الكاملة لكل المدارس والأفواج التربوية في التعليم الابتدائي.
بالإضافة إلى الحرص على توزيع حصص أنشطة التربية الفنية وحصص التربية البدنية والرياضية على كامل أيام الأسبوع، لتحقيق التوازن بين مختلف المواد، بما يخفف الضغط عن التلاميذ.
علاوة على السهر على الاستغلال الأمثل للحصة المخصصة للألعاب الرياضياتية على وجه يسمح بتعزيز تعلم المفاهيم الرياضياتية، بطرائق عملية وممتعة، تحفز التفكير النقدي والإبداعي، وتعزز المهارات الاجتماعية، وتنشط الذاكرة والانتباه.
وفي هذا السياق، أوضحت الوزارة بأنه لأجل تحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الحصة، فقد تم إعداد “دليل خاص” للألعاب الرياضياتية لأساتذة الطور الأول من التعليم الابتدائي، يتناول الإطار العملي لهذه الألعاب وطرائق وأساليب وكيفيات استغلالها.
المرافقة البيداغوجية للأساتذة ضرورية لإنجاح الإصلاحات الجديدة
واستخلاصا لما سبق، شددت الوصاية على أن إعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول تتطلب مرافقة المفتشين لأساتذة المدرسة المكلفين بهذا الطور، ببرمجة وتنظيم ندوات تربوية وأيام دراسية حول مختلف الجوانب المتعلقة بهذه العملية، والمقاربات الديداكتيكية لتقديم الألعاب الرياضياتية، وذلك في الفترة التي تلي الدخول المدرسي مباشرة، ضمن السيرورة المادية للتكوين أثناء الخدمة.