آخر الأخبار

اليمين الفرنسي يضغط لإلغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر وسط تصعيد داخلي

تسعى السلطات الفرنسية، مدفوعة بهواجس اليمين المتطرف، إلى تصعيد الأوضاع السياسية المتعلقة بالجزائر، من خلال نقل المعركة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير داخليته، برينو روتايو، إلى المؤسسة التشريعية، الهدف هو تعزيز نجاح مشروعهم الرامي إلى مراجعة أو إلغاء اتفاقية 1968 المنظمة للهجرة بين البلدين، والتي أصبحت مصدر فتنة حقيقية داخل دوائر السلطة في باريس.

وشهد مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي يعد الغرفة العليا للبرلمان، جلسة نقاش حادة حول هذه الاتفاقية، وكان المبادر لهذا النقاش أعضاء من حزب اليمين التقليدي “الجمهوريون”، الذي ينتمي إليه وزير الداخلية، برينو روتايو يسعى الأخير إلى توظيف قضية استهداف الجزائر في الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو المقبل، التي تعد شاغرة منذ طرد رئيس الحزب السابق، إيريك سيوتي، بعد تحالفه مع حزب اليمين المتطرف “التجمع الوطني” بقيادة عائلة لوبان.

و تدعو ورقة النقاش التي قدمها حزب روتايو إلى إلغاء اتفاقية 1968، بحجة أنها “غير متوازنة” وتصب في مصلحة الجزائر، وفقاً للخطاب الذي يروج له اليمين المتطرف. من جانب الحكومة، حضر الوزير المنتدب لشؤون أوروبا، بنجامين حداد، الذي رفض مقترح الإلغاء وأكد على ضرورة المراجعة بدلاً من ذلك. هذا الموقف يتماشى مع رؤية الرئيس الفرنسي، الذي يبدو أنه استعاد بعضاً من صلاحياته عبر تقليص دور وزير داخليته.

منذ الأربعاء الماضي، دخلت المؤسسات السياسية الفرنسية في مرحلة من التصعيد المستمر، حيث كان وزير الداخلية، برينو روتايو، هو المبادر المعتاد. هذا التصعيد شمل تدخل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو في المعركة، وهو ما دفع الرئيس ماكرون إلى التدخل مرتين لتذكير روتايو بحدود صلاحياته التي تنتهي عند باب قصر “بوفو”، بعيداً عن قصر الإليزيه.

في حين ترفض الجزائر الدعوات الفرنسية المتكررة لمراجعة اتفاقية 1968، معتبرة أنها تحولت إلى “قوقعة فارغة”، كما صرح الرئيس عبد المجيد تبون في حوار له مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، فإن الوزير المنتدب الفرنسي يتحدث عن مراجعة انتقائية تركز على تنظيم الهجرة، مع التركيز على استقطاب الخبرات والكفاءات، مثل الأطباء والمتخصصين في الإعلام الآلي.

على صعيد آخر، كذب بنجامين حداد المزاعم التي روج لها اليمين المتطرف بربط الاتفاقية بالتصاريح القنصلية، وأوضح أن اتفاقية 1968 لا تتعلق بالهجرة غير الشرعية ولا بتصاريح القنصلية، التي شهدت ارتفاعاً بنسبة 42% في العام الماضي، مما دحض الأكاذيب التي يروجها روتايو.

ويرى الفرنسيون في اتفاقية 1968 من منظور براغماتي، حيث يعتبرون أنها تفتح الباب أمام الهجرة العائلية على حساب استقبال الخبرات والكفاءات ولهذا، تسعى السلطات الفرنسية إلى تعديل الاتفاقية بشكل يشدد من شروط لم شمل الأسرة بالنسبة للجزائريين، وهو مكسب اجتماعي محمي بموجب الأعراف، بينما يتم إدراج “تدابير جذابة” للفئات الأكثر ديناميكية، مثل الطلاب والعمال المؤهلين.

ومع تصاعد التوترات، صمت روتايو بعد اللهجة الحازمة التي وجهها ماكرون بخصوص قضية الصلاحيات، وفي المقابل، نشطت المنابر الإعلامية اليمينية واليمينية المتطرفة في الدفاع عن وزير الداخلية ورئيس الوزراء، معتبرة أن ما صدر عن قصر الإليزيه يعد إهانة لوزير يتحرك ضمن صلاحياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *