الوظيف العمومي يحسم: لا عقوبات خارج القانون

وجّهت المديرية العامة للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري تعليمات صارمة لجميع الإدارات والمؤسسات العمومية، دعت من خلالها إلى ضرورة الالتزام الصارم بأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها عند تسليط العقوبات التأديبية على الموظفين.
وشددت على منع اللجوء إلى “تأويلات فردية” أو اجتهادات خارجة عن النصوص القانونية، لما قد يترتب عنها من أضرار تمس بحقوق العمال وتفتح الباب أمام نزاعات مهنية يصعب تسويتها.
وجاء في مراسلة رسمية صادرة بتاريخ 11 ماي 2025، تحت الرقمين 747 و4974، عن مديرية التنظيم والقوانين الأساسية للوظيفة العمومية، أن بعض الإدارات قامت برفع درجة العقوبات إلى مستويات مشددة، وصلت أحيانًا إلى حد التسريح من المنصب، دون الاستناد إلى الأسس القانونية، وهو ما اعتبرته المديرية تجاوزًا خطيرًا يستوجب التصحيح.
وأكدت المراسلة أن العقوبات يجب أن تُكيَّف بشكل موضوعي يتناسب مع طبيعة الخطأ المهني المرتكب، دون تعسف أو تساهل، وذلك حفاظًا على حقوق الموظفين من جهة، وضمانًا لاستقرار بيئة العمل ومردودية الأداء من جهة أخرى. واعتبرت أن التسرع في اتخاذ قرارات تأديبية غير مدروسة قد يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر سلبًا على جو العمل العام داخل المؤسسة.
كما وجهت المديرية تحذيرًا خاصًا إلى لجان الطعن، مذكّرة إياها بأن دورها يكمن في دراسة الطعون من منظور موضوعي يهدف إما إلى إلغاء العقوبة، أو تثبيتها، أو تخفيض درجتها، وفق ما تنص عليه المادة 55 من المرسوم التنفيذي رقم 20-199 المؤرخ في 25 جويلية 2020، والمتعلق باللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، ولجان الطعن، واللجان التقنية في المؤسسات والإدارات العمومية. وأكدت أن هذه اللجان لا تملك صلاحية تشديد العقوبات أو تغيير طبيعتها نحو إجراءات أكثر صرامة دون سند قانوني.
وجددت مديرية التنظيم والقوانين الأساسية التذكير بأن تفسير النصوص القانونية والتنظيمية المرتبطة بالوظيفة العمومية هو من صلاحيات المديرية العامة للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري فقط، وفقًا لأحكام المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 14-193 المؤرخ في 3 جويلية 2014، الذي يحدد صلاحيات المدير العام للوظيفة العمومية.
وفي ردّها على استفسار قدمته إحدى الإدارات العمومية بشأن الوضعية القانونية لبعض موظفيها، أوضحت المديرية أن رفض تنفيذ تسخيرات رسمية يعتبر خطأ مهنيًا من الدرجة الثالثة، حسب المادة 180 من الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، المتمم وبالتالي، لا يجوز اعتبار هذا الخطأ مبررًا لتسليط عقوبة من الدرجة الرابعة مثل التسريح، خاصة إذا لم يكن هناك سند قانوني واضح يبرر ذلك.
وفي هذا السياق، طالبت المديرية الإدارة المعنية بإلغاء قرار التسريح الذي اتُخذ بحق الموظفين، والإبقاء فقط على عقوبة النقل الإجباري التي سبق وأن قررها المجلس التأديبي، باعتبارها الإجراء الأنسب والأكثر توازنًا مع طبيعة الخطأ المرتكب، وذلك تنفيذًا لمضمون المراسلة رقم 2178 المؤرخة في 4 مارس 2025.