• العدو الإسرائيلي يواصل يوم بعد يوم عدوانه على لبنان، مع إتساع بقعة الحرب لتشمل عدة مناطق. ما هي الأهداف الحقيقية التي يريد أن يحققها الكيان من خلال هذه الإبادة ؟
الكيان الصهيوني يريد جر المنطقة كلها إلى حرب مفتوحة، هذه الحرب التي ستدخل إيران فيها ومن ثم يستطيع أو يسوغ له ضرب إيران وضرب منشآتها النووية. حاليا الكيان عاجز عن الرد على إيران، بعد أن استهدفت الأخيرة كل المدن الإسرائيلية بصواريخها، وهو على خلاف مع أمريكا حيال استهداف المنشآت النووية أو منشآت الطاقة النفطية لأن هذا يجر إلى أزمة طاقة عالمية بطبيعة الحال و أي ارتفاع في أسعار البترول سيضر الاقتصاد الأمريكي خاصة و ان واشنطن على أبواب الانتخابات.
إذن الكيان يرغب حقا في جر المنطقة بشكل واسع إلى حرب مفتوحة ليستحب الحضور الدولي والدعم الغربي والناتوي إليها، حتى يقول أن إسرائيل تخوض معركة وجود، وبالتالي لابد من ضرب كل محور المقاومة وعلى رأسهم إيران. هذا هو ما يريده ناتنياهو من خلال جر المنطقة إلى حرب بتوسيع قواعد ردعه وإعادة ترميمها التي تآكلت منذ طوافان الأقصى .
استمرار الآلة الحربية الصهيونية، يعني غلق أبواب المفاوضات …
طبعا هناك مجال للمفاوضات، لكن ناتنياهو إلى الآن رفض كل المفاوضات التي طرحت وكل الصفقات التي عمل عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن غزة، بل سوّغ وماطل من أجل إبادة الشعب الفلسطيني في غزة أكثر. كما يرفض اليوم وقف اطلاق النار في لبنان، رغم أن الحكومة اللبنانية الرسمية والممثلة من قبل حزب الله والمقاومة فيها داخل هذه الحكومة، قبلت بوقف اطلاق النار وإرسال الجيش إلى الجنوب، لكن ناتنياهو يريد هذه المفاوضات بقوة النار وتحت ضغط النار لكسب تنازلات أكثر من المقاومة ومن الحكومة الرسمية من أجل نزع سلاح حزب الله وهذا بطبيعة الحال لا تقبل به المقاومة ولا تقبل به الحكومة اللبنانية.
هكذا نفذت بنك أهدافه كلها على المستوى العسكري بعد الإختيارات التي قام بها على التهجير الممنهج والدمار في حق المدنيين والإبادات التي ارتكبها، لكنه يريد تنازلات وهو سيفه مسلط بطائراته الحربية وبمدافعه وبصواريخه على الشعب اللبناني الذي يضغط على المدنيين لمحاصرة المقاومة والقبول فورا بتنازلات كبيرة ترضي غرور ناتنياهو.
هذا هو الواقع الذي لا يقبل به ناتنياهو وهو يجر المنطقة ويجر لبنان بهذه الإبادات الجماعية من أجل تشكيل قواعد ردعية في لبنان تشلح حزب الله سلاحه بشكل كامل، تفرض صيغة توفقية وصيغة حكم في لبنان تتمهى مع الحكومة الصهيونية في تل أبيب وأيضا منع إقامة أي قوات أو مقاومة تستطيع أن تقض مطجع الإسرائيلي في المستقبل ويريد رسم خريطة الشرق الأوسط انطلاقا من لبنان ومن غزة لتأمين قوة ردعه على هذا المستوى وللقول بأن إسرائيل هي القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لا يمكن هز أمنها على أي مستوى مهما ارتكبت من مجازر وإبادات و تصفيات في حق الشعب الفلسطيني
• ألا تعتقد أن الدول العربية خذلت لبنان في ظل غياب مواقف حازمة و واضحة تتجاوز بيانات الجامعة العربية ؟
الدور العربي غائب بإستثناء الجزائر و قطر و العراق. هناك تخلي واضخ من قبل الدول العربية و الدليل الجامعة العربية عقدت اجتماعا واحدا على مستوى المندوبين منذ الإبادة على الشعب اللبناني. هناك ضعف في الموقف العربية إتجاه لبنان و حجمايته دبلوماسيا و سياسيا. أكثر من هذا، اقو لان هناك توافق أمريكي-أوروبي و حتى عربي على قيام نتانياهو لهذه الحرب و القيام بهذه الإبادة في حق الشعب اللبناني.
• نفس الشيء ينطبق على الدول الصديقة للبنان على غرار فرنسا التي كان بإمكانها الضغط على الكيان الصهيوني بما أنها عضو دائم بمجلس الأمن الأممي ؟
الرئيس ماكرون الذي يعتبر صديق لبنان وصديق الشعب اللبناني هو خذل لبنان بأكثر من مستوى وفي أكثر من مجال، منذ 2019 خصوصا بعد حادثة تفجير المرفأ ومن ثم المبادرات التي طرحها وصيغ التي جاء بها مندوبوه والموفدون الرئاسيين الفرنسيين إلى لبنان. فرنسا لم تكن فاعلة لأن بالأساس دورها يأتي تحت المظلة الأمريكية، والأمريكي اليوم هو الذي يدير هذه المعركة بأدوات إسرائيلية و من تنفيبذ نتانياهو.
فرنسا هي جزء أساسي من المعادلة الدولية الغربية التي ترغب بإسقاط لبنان في هذه الحفرة وأبقائه في هذه الحفرة ومنع عنه أي مساعدات اقتصادية ومنع تنشئة لبنان على المستوى الاقتصادي ومنع مساعدة لبنان وتركيعه من أجل سحب سلاح المقاومة. مبادرات ماكرون الرئاسية وجولاته الماكوكية والديبلوماسية التي فعلها بالنسبة للخمسية وبالنسبة لطرح مرشح أو انتخاب رئيس توافق للبنان لم تنجح، لأن القضية بالأساس والمفتاح هذه القضية مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي لا تزال إلى اليوم غير راغبة في ذلك.
السفيرة الأمريكية في بيروت تبشر اللبنانيين بتحضير أنفسهم لمرحلة ما بعد حزب الله وما بعد المقاومة، معنى ذلك أنهم مستمرون في هذه الحرب و مستمرون في إغلاق باب المفاوضات و يعطون الفرصة لنتنياهو لكي يستكمل هذه الحرب حتى يحقق إنجازات عسكرية تريح إسرائيل وتضعف الشعب اللبناني والمقاومة ويبقينا في حفرة كبيرة على كل المستويات بحكومة تنفذ الأملاءات الإسرائيلية والأمريكية وهذا ما لا يمكن أن يقبل به الشعب اللبناني ولا المقاومة لأن الميدان هو الفيصل في هذا الشأن خصوصا أن المقاومة في لبنان تقوم بجهود جبارة على هذا المستوى وتتصدى للعدو الإسرائيلي وتمنعه من الدخول إلى لبنان وهذا هي العقدة الأساسية التي يذهب من خلالها النتنياهو بعد تعثره عسكريا وميدانيا في جنوب لبنان من القصف في العمق اللبناني واستهداف المدنيين خصوصا أن الصواريخ للمقاومة لازالت تتسقط على المدن الإسرائيلية بشكل مكثف.
• الجزائر طالبت، منذ بداية الهجوم السيبراني على لبنان، بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الاممي. كيف يمكن للدول العربية استغلال هذه الورقة الدبلوماسية – وجود الجزائر في مجلس الأمن- للممارسة الضغط على الكيان ؟
الجزائر كانت واقفة منذ البداية عبر حراكها الدبلوماسي في الأمم المتحدة وعبر تقديمها العديد من الطلبات لمجلس الأمن بعقد اجتماعات طارئة أن كان في غزة وأن كان في لبنان. واضح الدور الجزائري على هذا المستوى هي داعمة للقضية الفلسطينية، هي داعمة للشعب الفلسطيني، هي داعمة للبنان والشعب اللبناني في كل قضياته الأساسية في مقاومته الباسلة ضد هذا العدو الغاشم الذي يقوم بإبادات جماعية وجرائم حرب.
نعم يمكن أن يُبنى على الورقة الدبلوماسية التي تطرحها الجزائر في مجلس الأمن من أجل ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني.
الشعب اللبناني لا ينسى دعم الجزائر و مساعداتها له على أكثر من مستوى من النفط والغاز وغيرها من المواد وفي طرح العديد من القرارات داخل مجلس الأمن وتفعيل الدبلوماسية من أجل وقف إطلاق النار.
دور الجزائر فاعل وكبير على هذا المستوى ويكاد يكون الوحيد والإستثنائي على المستوى العربي. وهذا سيضعف الكيان الصهيوني ويكشفه أكثر ويكشف عن حجم و حشيته ومجازره النازية في حق شعب فلسطين و لبنان.
• على ذكر محور التطبيع، و محور دعم القضية الفلسطينية و المقاومة. الا تعتقد بان تحرك الجزائر على مستوى العربي و الاممي يزعج العدو الصهيوني و حتى حلفاؤه في شمال إفريقيا و دول الخليج ؟
بالنسبة لمحور التطبيع على المستوى العربي ومحور المقاومة الأمر واضح، فموقف الجزائر الداعم لمحور المقاومة والقضية الفلسطينية المانع لطمس القضية الفلسطينية أو تصفية القضية الفلسطينية ونزع سلاح المقاومة في لبنان.
التحرك الجزائري بإمكانه حماية الدولة اللبنانية و المقاومة في لبنان و حماية الشعب الفلسطيني، خصوصا و أنها دبلوماسية فاعلة و صامتة.
الموقف الجزائري يزعج الكيان الصهيوني على أكثر من مستوى، لان دولة الاحتلال لا تريد تفعيل أي عمل دبلوماسي في مجلس الأمن لأنها بدأت متشوفة أمام المحاكم الجنائية الدولية ومحاكمة العدل الدولية. الدبلوماسية الجزائرية تزعج بعض حلفاء الكيان الصهيوني في شمال أفريقيا من الدول المطبعة التي تبتعد ألاف الكيلومترات عن الكيان الصهيوني.
هذه الدول تريد أن تستجلب الحضور الإسرائيلي حتى إلى أفريقيا وإلى بعض البلدان الأفريقية للعبث وتخريب هذه الدول وتقسيم المجتمعات فيها وخلق التوترات وبؤر الفتن في هذه الدول.
نحن أمام حالة استثنائية لجمهورية الجزائر التي تأخذ على عاتقها هذا الدور الكبير على المستوى الديبلوماسي وعلى المستوى الأممي.
الجزائر تملك وزنا على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي، و حتى اقتصاديا بلد في التصنيع و إنتاج الحركة الاقتصادية الكبيرة و سيلعب دور حيوي في شمال أفريقيا ووسط أفريقيا و أيضا على المستوى العربي و المتوسطي.