القضية الفلسطينية في قلب مهرجان وهران للفيلم العربي

شهد مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في دورته الـ 12، اليوم الاثنين ، عرض 22 فيلمًا فلسطينيًا قصيرًا، ضمن مشروع المسافة صفر للمخرج الفلسطيني رشيد مشهرواي، وهي الأفلام التي تم تصويرها من قلب غزة ووسط الحرب لمخرجين محاصرين في غزة بعد طوفان الأقصى، ويأتي عرض الأفلام احتفاءً بمرور 365 يومًا على طوفان الأقصى، وهو ما يضيف بعدًا رمزيًا كبيرًا للعرض.
وفي هذ الصدد تم اليوم عرض11 فيلمًا، فيما يعرض الباقي غدا الثلاثاء وذلك بحضور رشيد مشهراوي صاحب المشروع، و تروي أفلام “من المسافة صفر” تجارب لحكايات صانعي أفلام من غزة تم تصويرها بإمكانات محدودة تحت وطأة حرب الإبادة بفلسطين وبقوالب متنوعة بين الروائي والوثائقي والتسجيلي، وتلتقط هذه المبادرة التي أطلقها المخرج والمنتج الفلسطيني رشيد مشهراوي، بدعم من مساهمين مختلفين، تجارب وقصص صناع الأفلام في غزة الذين يعملون في ظروف قاسية وبإمكانيات محدودة، في ظل الإبادة المستمرة والواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة.
قصص تُعرض لأوّل مرة..
وتتنوع مجموعة “المسافة صفر” التي تضم 20 عملا سينمائيا، بين الأفلام الوثائقية والتسجيلية والروائية، وتشترك في طريقة بنائها وسرد قصصها العفوية والصادقة التي تنقل المأساة والوجه كما هو دون مساحيق تجميل ودون مبالغة أو بروباغندا، فضلا عن تصويرها تحت القصف ولمدة 8 أشهر بين التصوير والمونتاج.
أفلام تتجاوز ابعادها السينما..
أول ما يلفت النظر في مضامين الأفلام التي عرضت في مهرجان، وهران وأشكالها، ومواضيع الندوات والورشات هو التعدد في المقاربات على صعيد الأصوات والأساليب، ما يعكس، وهذا في حد ذاته ما يجعل من الدورة الثانية عشرة للمهرجان، قوة الطموح في تحويل منصة المشهد السينمائي العربي إلى لقاء يعكس تنوع التجارب التي هي بحاجة اليوم إلى مقاربات نقدية جديدة، ولعل ما قامت به الجزائر في مثل هذه المبادرة فهي مهمة جدا لأنها تروي المعاناة الفلسطينية ،فالأفلام السينمائية وسيلة قوية للتعبير عن المعاناة الإنسانية، ولإلقاء الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية. وفي حالة فلسطين، فإن إنتاج أفلام تروي المعاناة الفلسطينية يحمل أهمية كبيرة على عدة أصعدة، فهي تساهم في رفع الوعي العالمي بقضية فلسطين، حيث تسلط الضوء على المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني، مما يساعد في تحفيز التعاطف والدعم الدولي، كما تعمل على توثيق التاريخ والثقافة الفلسطينية، حيث تبرز التنوع الثقافي والفني في المجتمع الفلسطيني، وتحفظ الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة ، كما يمكن اعتبار السينما أداة للمقاومة، حيث تعبر عن الأمل والصمود رغم المعاناة، مما يلهم الآخرين ويعزز من روح النضال في سبيل العدالة، كما انها تمثل وسيلة فعالة لتوثيق المعاناة الفلسطينية وتعزيز الوعي والهوية، وهي أداة قوية للنضال من أجل العدالة والحقوق، يفتح لنا هذا النموذج من زخم التنوع والتعدد أمامنا أسئلة جديدة بجب أن تطرح حول مستقبل التوجهات الجمالية للتجارب السينمائية في العالم العربي، وذلك ما يستحق فتح زوايا مختلف من حيث تناول القضايا التي تعودت السينيمات العربية طرحها، فنحن اليوم أمام تحديات تتجاوز التحديات التي تعاطى معها العقل النقدي الكلاسيكي بشكل تقليدي وعاطفي وأيديولوجي، تحديات تجعلنا نعيد النظر في أشكال المقاربات المتداولة في ساحة النقد الثقافي عموما، والسينمائي على وجه الخصوص، وما نتمناه هو أن تكون وهران اللحظة التي قد تحرضنا على فتح سبل جديدة، من خلال هذه اللقاء الذي جاء بعد طول انقطاع، من أجل الانتقال إلى أرض نقدية جديدة في ظل الظروف الإشكالية التي تمر بها المنطقة على أصعدة شتى، منها الصعيد الثقافي بأبعاده الجمالية والسياسية.
موقف الجزائر ثابث..
تؤكد الجزائر مرة أخري انها لا تنسى فلسطين ودائما وقفة دائما معها، حيث تناضل سياسيا على الصعيد الدبلوماسي وثقافيا وفنيا على صعيد التظاهرات الوطنية والدولية المنظمة أيضا، فبعد معركة “طوفان الأقصى” في الـ7 أكتوبر 2023، عملت السلطات الجزائرية على برمجة تظاهرات خاصة بفلسطين وتكييف أخرى فضحا للاحتلال الصهيوني ونصرة للقضية الفلسطينية وإعلاء صوتها في المحافل الدولية وبالخصوص بمجلس الأمن وفي محكمة العدل الدولية، و مهرجان وهران صرح أخر تحضُر فيه فلسطين بقصص شعبها الموجعة، في مهرجان وهران للفيلم العربي.
5 حكايات.. من 20 قصةو
من الأفلام التي يحتويها مشروع “المسافة صفر” والذي استعرضت لجهور وهران نذجد فيلم “شظايا” لباسل المقوسي و هو مزيج من الفيديو والتصوير الفوتوغرافي واللوحات يتخلله فنان يعمل على لوحة يتم الانتهاء منها في نهاية الفيلم. بالإضافة الي فيلم “العروض” للمخرج مصطفى النبيه وهو عبارة عن تجربة روائية مع النزوح وانهيار الحضارة من حولها أثناء بحثهاعن حياة أفضل، يالإضافة الي فيلم “يوم دراسي” لـ أحمد الدنف، و هو فيلم من نوع درامي قصته هي ” يشق خالد الطالب المجتهد طريقه عبر الخيام والأسواق والأنقاض إلى مدرسته غير الموجودة وينتهي به الأمر جالسا مع حقيبته المدرسية في مقبرة أمام ضريح معلمه الذي مات في الحرب”، بالإضافة الي فيلم آخر و هو فيلم “ذكريات الماضي” للمخرج إسلام الزريعي وهو وثائقي يروي قصة فرح التي تكره أصوات الطائرات والمدفعية، وبعد قصف منزلها، ذهبت إلى الفراش مبكرًا خوفًا من المجهول، ولمقاومة أصوات الحرب، وضعت سماعات على أذنيها ومارست هوايتها المفضلة الرقص، و الفيلم الخامس و هو فيلم “فرح” “ومريم لوسام موسى، وهوفيلم وثائقي يتناول حياة فرح البالغة من العمر 10 سنوات بعد الحرب، حيث رأت صديقتها المقربة مريم تفقد عائلتها بسبب القصف، بعد أن قضت حياتها محاصرة في غزة، تفكر فرح في تحرير طيور والدها الأليفة من قفصها الخاص.
رشيد مشهراوي ، منتج و مخرج فلسطيني لـ “أخبار الوطن”: ” أحيي مهرجان وهران الذي أعطى مساحة للسينما الفلسطينية ”
واوضح صاحب مشروع ” مسافة صفر ” رشيد مشهراوي فيتصريح لجريدة أخبار الوطن أن “ما حدث ويحدث في غزة فظيع، وملقلق، جعلنا دائما نتساءل ماذا يحل بنا، وفكرنا كسينمائيين أنه يجب أن نتدخل ونروي ما يحدث.” ، ويضيف: “ارتأينا أن نروي الحكايات التي لم ترو، وهو أصعب منذ أكثر من أربعون سنة، لأنني أولا لست موجودا على الأرض وثانيا بسبب الظروف المحيطة لا كهرباء، لا إنترنت، ولا معدات، لكن إنتاجها جاء بقوة الإرادة التي كانت لدى الفتيات والشباب الذين حكوا قصصهم، كاميرا واحدة أنجزنا بها 5 أفلام، وهو ما جعلنا نواجه مشاكل من ناحية الصوت، حيث اضطررنا في مرحلة ما بعد التصوير إلى معالجة الصوت والحفاظ على الجو العام لتلك الحكايات والمشاهد”، ويتابع قوله: “حقيقة، هناك أشخاص خاطروا بحياتهم من أجل أن تنقل مواد على ذاكرة من مكان إلى مكان آخر، واعتمدنا على الصحفيين الذين يملكون شرائح إنترنت دولية لإرسال المادة المصورة وخاصة الذين كانوا موجودين أمام المستشفى، كما أشاد المنتج والمخرج الفلسطيني رشيد شهراوي بتخصيص مساحة كبيرة لعرض الأفلام الفلسطينية ولمشروع “أفلام غزة من المسافة صفر” في مهرجان وهران للفيلم العربي ، وقال المخرج رشيد شهراوي “سعيد جدا بعودة مهرجان وهران، الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر، وها نحن اليوم بمبادرة اسمها أفلام غزة من المسافة صفر تتضمن 22 فيلما أنجز من قبل مخرجين ومخرجات تحت وطأة حرب غزة”، وأضاف في ذات السياق” تحياتنا من غزة للجميع، وشكر كبير من غزة للجزائر ولمهرجان وهران الذي أعطى مساحة للسينما الفلسطينية كالعادة دوما”.
عبد القادر جريو، محافظ مهرجان وهران للفيلم العربي لـ “أخبار الوطن”: ” نلتزم بدعم هذه الأفلام نصرة للقضية الفلسطينية ”
أكد محافظ المهرجان، عبد القادر جريو، التزام المهرجان بدعم الأفلام الفلسطينية معترفًا بالإبداع الاستثنائي لشباب غزة، وقال جريو: “رغم التحديات التي لا يمكن تصورها والتي يواجهها هؤلاء المبدعون، فقد نجحوا في تقديم أعمال سينمائية راقية مثلت فلسطين في أكبر المحافل السينمائية الدولية، بما في ذلك مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، والآن تم اختيار “من المسافة صفر” لتمثيل فلسطين في الأوسكار”.
- يعود الحضور الفلسطيني وبشكل بارز في حدث قريب مهرجان وهران للفيلم العربي في طبعته الـ12 التي تنظم احتفاء بفلسطين وبالسينما الفلسطينية التي تعد شاهدا على بشاعة المحتل الصهيوني وتقاوم بالصورة والكاميرا والقصة والتوثيق لما يقترفه من مجازر يومية في غزة وفي الضفة الغربية وفي عموم فلسطين، و ابرز جريو ان مهرجان وهران للفيلم العربي يحتفي بالسينما الفلسطينية، سينما القضية التي تنقل قصصا حيّة من الواقع المأساوي الذي يعيشه الغزّيون تحت قصف الاحتلال، وتصور مدى حجم الهول وقساوة الجوع والعطش الذي يعانونه منذ عام كامل بسبب القصف الصهيوني ومنع الاحتلال المساعدات الإنسانية من الدخول إلى القطاع، وأوضح المتحدث أن برنامج ” من المسافة صفر” برنامج سينمائي فلسطيني خاص بمهرجان وهران، وبغض النظر عن كونها خارج المناقشة الرقمية المهرجان، الا ان هذه الأفلام الفلسطينية سيكون الجمهور الجزائري على موعد معها خاصة انها تروي قصصا حقيقية من غـزة.