لا زالت القيود الفرنسية مستمرة تمنع تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفرنسية عن الفنانين والمثقفين المنحدرين من دول الساحل الأفريقي الثلاث: النيجر، مالي وبوركينافاسو، في سياق ما يصفه اهل القطاع بعقوبات ثقافية غريبة ضد الدول المتمردة على الهيمنة الفرنسية في المنطقة
القرار الذي خرج للعلن منتصف سبتمبر الماضي أثار حينها ضجة كبيرة ووصف بانه خطوة “غير مسبوقة” في بيان شجب وتنديد صادر عن رؤساء الهياكل الثقافية في فرنسا ضد الرسالة التي وجهتها إليهم الأمانة العامة لوزارة الثقافة، استجابة لطلب وزارة الخارجية، يم الأربعاء 13 سبتمبر، تطالب فيها بتعليق فوري لأي تعاون مع فنانين من النيجر ومالي وبوركينا فاسو حتى إشعار آخر.
وتضمنت الرسالة تدابير جذرية من بينها “تعليق جميع مشاريع التعاون التي تنفذها المؤسسات الثقافية أو الخدمات مع مؤسسات أو مواطني هذه البلدان الثلاثة، دون تأخير، ودون أي استثناء. ويجب أيضًا تعليق كل الدعم المالي، حتى ذلك المقدم عبر الهياكل الفرنسية، مثل الجمعيات. وبالمثل، لا ينبغي إصدار أي دعوة إلى أي مواطن من هذه البلدان. واعتبارًا من صدور البيان، لم تعد فرنسا تصدر تأشيرات لمواطني هذه الدول الثلاث دون أي استثناء، وذلك حتى إشعار آخر“.
ومثلت الحادثة تحولا فلسفيا عميقا في السياسة التي تعتزم فرنسا اتباعها في مجال التضامن الفني الدولي. لذلك خرجت النقابة الوطنية للمؤسسات الفنية والثقافية (Syndeac) على الفور لترد ببلاغ صحفي قوي، احتجت من خلاله على القرار.
وكتبت النقابة، “من الواضح أن هذا الحظر الشامل على ثلاث دول تمر بأزمات خطيرة للغاية لا معنى له من الناحية الفنية ويشكل خطأً كبيرًا من وجهة نظر سياسية. بل هو العكس تماما الذي ينبغي القيام به. إن سياسة حظر تداول الفنانين وأعمالهم لم يسبق لها مثيل في أي أزمة دولية أخرى، من الأزمة الأحدث مع روسيا، إلى الأقدم والأكثر ديمومة، مع الصين“.
ويبدو أن “القرار ليس جديدا” بحسب تعليق سيباستيان لاغراف، مدير مهرجان أفريكولور للموسيقى الإفريقية الذي ينطلق في 17 نوفمبر المقبل، ككل عام، في ضواحي باريس.
ويوضح قائلا: “منذ السابع غشت الماضي، اضطررت إلى إلغاء ثلاث حفلات موسيقية لفنانين من مالي وبوركينافاسو لأنهم لم يحصلوا على التأشيرة. كل ما فعلته الوزارة اليوم برسالتها الإلكترونية هو أنها جعلت الخطوة رسمية لأنه في 29 يوليو، و6 غشت، أوقفت فرنسا جميع مساعداتها التنموية وإجراءات دعم الميزانية مع النيجر وبوركينا فاسو. وفي نوفمبر 2022، كانت قد فعلت ذلك بالفعل مع مالي“.
وحاولت وزيرة الثقافة الفرنسية تبرير الموقف وقالت في تصريح إعلامي، “نحن لا نقاطع الفنانين أبدا. نحن فقط ليس لدينا خدمة تأشيرات فعالة في هذه البلدان لأسباب أمنية“.
وشددت على أن جميع “الذين لديهم تأشيرات بالفعل والذين لديهم جولات أو عروض مخطط لها سيكونون قادرين على الحضور كما هو مخطط له“.
وبحسب الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، فالامر يتعلق بالوضع في البلدان المعنية، بوركينا فاسو ومالي والنيجر. “هناك انقلابيون يهاجموننا، ويهاجمون الثقافة في الداخل. في مالي، منذ عام 2020، حظر الانقلابيون كل التمويل من المنظمات الفرنسية. وفي بوركينا فاسو، نظم الانقلابيون ثورات وأحرقوا معاهدنا الثقافية. إنه واجب أمني أن نوقف أعمالنا”. على حد تعبيره.