نظم الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، السفير عمار بن جامع، بمقر الأمم المتحدة، لقاء غير رسمي جمع المندوبين الدائمين للدول الأعضاء بمجلس الأمن ومجموعة من أفراد العائلات الفلسطينية الذين عانوا وعائلاتهم من همجية قوات الاحتلال وجرائمه الفظيعة التي ما يزال يرتكبها ضد المدنيين العزل بقطاع غزة.
و شكل اللقاء فرصة للعائلات المشاركة لمخاطبة صانعي القرار بمجلس الأمن, وجها لوجه, ليحكوا مرارة تجاربهم الأليمة وقساوة الأحداث المروعة التي مروا بها منذ ال 7 أكتوبر الفارط.
و أعطيت بالمناسبة الكلمة لأفراد العائلات المشاركة, الواحد تلو الآخر, ليرووا على مسامع الأشهاد تفاصيل الأحداث التي تعرضوا لها هم أو أفراد عائلاتهم, وهو ما جلب تعاطف كل المشاركين دون استثناء.
و روت إحدى المشاركات, بحسرة بالغة, قصة قصف منزل عائلتها الذي راح ضحيته قريباها عزيز وحاتم, طفلان لم يتجاوزا الخامسة عشر, إضافة لأحد عشر فردا آخرين من أفراد عائلتها في حين نجى حمزة من القصف, لينقل إلى المستشفى. هناك, عاش ألما لا يطاق لمدة أسبوع قبل أن يرتقي هو الآخر شهيدا متأثرا بجروحه في ظل غياب الدواء والمعدات الطبية اللازمة لعلاجه.
و بنفس الأسى, قصت مشاركة أخرى على أعضاء المجلس ما حدث لأختها إيمان, التي قتل زوجها في قصف لقوات الاحتلال وهي حامل بابنها الذي أنجبته, مطلع هذه السنة, ليس فقط في غياب الرعاية الصحية اللازمة بل وفي ظل غياب الكهرباء أيضا.
ولد ابن إيمان وأعطته اسم زوجها المغدور به, صبري, إلا أن عوضها هذا لم يدم طويلا حيث توفي الطفل بعد 20 يوما من ولادته. جسم صبري البريء لم يصمد أمام قساوة البرد ونقص الحليب.
في حسرة أخت كسر ظهرها بخسارة من تتخذه كل بنت لملمات الأمور, أخواها. راحت أخرى تروي وهي تغالب دموعها قساوة قصف منزل عائلتها الذي راح ضحيته أحمد ومحمد.
لتنتقل بعدها إلى بيت جدتها الذي لم يعد ملجأ فقط للعائلة بل أضحى مقبرة أيضا ترمس أخويها.
كما ضاق البيت على أختها سارة التي احترق معظم جسمها وكابدت ألما لا يطاق قبل أن تنجح, بعد شهرين من المعاناة وغياب التكفل اللازم, في أن تنتقل إلى مصر ثم إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج. إلا أن فريق الأطباء لم يستطع معالجة الطفلة سارة كلية حيث اضطر إلى بتر أربع من أناملها لأن خروجها من جحيم غزة جاء متأخرا جدا.
و عقب تدخلات أفراد عائلات الضحايا, عبر العديد من ممثلي أعضاء مجلس الأمن, في لحظة تفيض إنسانية, وفي تجرد من ثقل وظائفهم الدبلوماسية عن تعاطفهم مع المآسي والفظائع التي تعرض لها الفلسطينيون.
كما أعربوا عن عميق امتنانهم للسفير عمار بن جامع على هذه المبادرة الحسنة التي مكنتهم من سماع قصص ما كانوا ليطلعوا على تفاصيلها لولا هكذا لقاء.
كما جدد كافة المتدخلين عزمهم على مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل نهائي يضمن حقوق الفلسطينيين في الأمن والعيش الكريم.