• العلاقات الجزائرية الفرنسية في تدهور متزايد كل يوم حيث أنها دخلت نفقا مظلما قد يصعب الخروج منه، من أبرز الأسباب التي سببت هذه الأخيرة الصحراوية التي لن يهضمها الطرف الجزائري تحت أي مبرر كان وقد حمّل يومها وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، باريس مسؤولية كافة التداعيات المترتبة على قرارها.
وفي أحدث التداعيات على الخطوة الفرنسية، فقد تجاهلت الجزائر تماما الدعوة التي وجهت لها من قبل الرئاسة الفرنسية لحضور احتفالية إحياء الذكرى المخلدة لذاكرة الآلاف من جنود مستعمراتها السابقة (من بينهم جزائريون)، في الحرب العالمية الثانية، الذين دفعوا أرواحهم مساهمة في تحريرها من احتلال ألمانيا النازية، إلى جانب قوات حلفائها في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وكندا.
ورغم الدعوة التي وُجهت لها من قبل الرئاسة الفرنسية (قصر الإيليزي) لحضور الذكرى الثمانين لإنزال بروفانس، لم توفد الجزائر أي ممثل عنها ولو في شخص القائم بالأعمال باعتباره أعلى تمثيل للجزائر في الوقت الراهن في فرنسا بعد سحب السفير سعيد موسي “بأثر فوري”، بسبب الموقف الفرنسي “غير الموفق وغير الأخلاقي” من القضية الصحراوية،كما وصفه بيان الخارجية الجزائرية في حينه.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس براس”، فإن دولا إفريقية كان تمثيلها في مستوى الرؤساء، على غرار كل من الكاميرون والتوغو وجزر القمر وجمهورية إفريقيا الوسطى والغابون، وهناك دول أخرى كان تمثيلها في مستوى رؤساء الحكومة، على غرار النظام المغربي، وأخرى في مستوى الوزراء، مثل تونس والسنغال وساحل العاج (كوت ديفوار)، ومنها من مثلها السفراء على غرار كل من جمهوريتي تشاد والبنين.
ومن بين الدول التي هي على خلاف مع باريس مؤخرا، والكلام لوكالة الصحافة الفرنسية، كانت بوركينا فاسو التي أوفدت القائم بالأعمال (ليس لديها سفير)، غير أن كلا من الجزائر والنيجر ومالي لم ترسل أي ممثل مهما كان مستواه، وهو ما يؤشر على المستوى الذيوصلت إليه علاقات فرنسا مع العديد من مستعمراتها الإفريقية سابقا.
لكن وماذا عن الحالة الجزائرية التي كانت محط اهتمام خاص من قبل بعض وسائل الإعلام في فرنسا؟ وهل وجهت لها الدعوة من قبل السلطات الفرنسية لحضور هذه الذكرى؟ تنقل النسخة الفرنسية من صحيفة “لوهاف بوست” عن مصادر في قصر الإيليزي قوله: “إن الجزائر مدعوة لإحياء الذكرى الثمانين لإنزال بروفانس يوم الخميس 15 أوت. بل إن لها مكانها الكامل، تعبيرا عن الحرص على مشاركتها”.
ويضيف المصدر ذاته متسائلا: “وماذا عن الشخصيات الأجنبية الأخرى؟ وتم الإعلان عن أسماء جميع المشاركين قبل ساعات قليلة من الاجتماع. وإذا كان المغرب ممثلا جيدا بعزيز أخنوش، رئيس الحكومة، فلا يوجد أي أثر لوفد جزائري. وفي الإليزي (قصر الرئاسة الفرنسية)،حيث كان الحرج واضحا عشية الحفل، تم التأكيد على أن كبار الشخصيات الجزائرية قد تمت دعوتهم بالفعل. لكن من الواضح أنهم رفضوا. وهو ما ينبئ بالكثير من التدهور عن حالة العلاقات بين باريس والجزائر منذ أزمة الصحراء الغربية”.
ويتوقع المراقبون أن تستمر حالة القطيعة بين الجزائر وباريس، بل إن وضع هذه العلاقات يتجه إلى التعقيد في المستقبل، بعد تأكيد وزير الخارجية، أحمد عطاف، في الندوة الصحفية الأخيرة له، عن إلغاء الزيارة التي كانت مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون (في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية بالطبع)، إلى فرنسا في نهاية شهر سبتمبر المقبل.
وعلى الرغم من الكلمة التي ألقاها الرئيس الكاميروني، بول بيا، في الذكرى الثمانين لإنزال بروفانس، إلى جانب نظيره الفرنسي، إيمانويلماكرون، إلا أن ذلك لا يؤشر إطلاقا على أن فرنسا لا تزال تحظى بالتقدير والثقة على مستوى الحكومات الماسكة بزمام السلطة في مستعمراتها السابقة، فالكثير منها قاطعت المشاركة في تخليد هذه الذكرى، كما أن هناك من أرسل القائم بالأعمال أو السفير، باستثناء دول تعد على أصابع اليد الواحدة.