صعد الإحتلال الصهيوني من جرائمه “غير المسبوقة” بحق الصحفيين الفلسطينيين, خاصة في منطقة شمال غزة, في محاولة لإغتيال الحقيقة و طمس معالم جريمة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي, حيث إرتقى ما لا يقل عن 165 صحفي في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب.
لكن و رغم الحرب الصهيونية “الممنهجة” بحق الإعلاميين و خرقه السافر لكل المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية المؤكدة على حماية الصحفيين, و رغم كل الظروف المأساوية التي يعملون فيها, فان إعلامي غزة يصرون على توثيق حقيقة ما يحدث في الميدان من جرائم ضد الإنسانية وقودها المدنيون خاصة من الأطفال و النساء.
و في تصريح لوأج, تروي ملك أبو حسين, الاعلامية الوحيدة بشمال القطاع, معاناتها و معاناة زملائها في ظل الاستهداف المباشر لهم و انتشار المجاعة و كذا نقص الإمكانيات و المستلزمات المهنية لتغطية المجازر المروعة بحق الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023 .
و قالت اصغر صحفية بالقطاع (20 سنة) : “نعمل بخوف كبير بعد أن أصبحت السترة المهنية و الخوذة الصحفية لا تحمينا”, مردفة: ” أصبحنا هدفا مباشرا لقوات الاحتلال التي تلاحقنا في كل مكان”.
و في حديثها عن المجاعة في القطاع, قالت المتحدثة “أصبحنا نعاني من نقص كبير في الطعام, الأمر الذي تسبب لنا في العديد من الأمراض و الأعراض كالغثيان و الصداع والتعب الشديد”, مبرزة في السياق قلة أجهزة العمل و غياب شبكات التواصل, ما يحول- بحسبها- “دون نقل كل الوقائع لحظة بلحظة”.
و استذكرت الإعلامية الفلسطينية بكثير من الألم و الحسرة فقدان زملاء كانوا يعلمون معها جنبا إلى جنب في الميدان, و آخرهم إسماعيل الغول و رامي الريفي اللذين استشهدا في قصف صهيوني لسيارتهما الأربعاء الماضي. و مع تزايد جرائم الاحتلال بحق الإعلاميين, طالبت الصحفية المجتمع الدولي و الهيئات المعنية بضرورة توفير الحماية للصحفيين لضمان اكمال ال مسيرة الإعلامية ووصول المعلومات, كحق من حقوق الإنسان, مشددة على أن غياب المساءلة على الانتهاكات السافرة لحقوق الانسان وراء زيادة جرائمه. كما أكدت على أن هذه الحرب الدموية لن تزيدهم إلا عزما و إصرارا على نقل الحقيقة.
و هو ما ذهب إليه الصحفي الفلسطيني بالقطاع سلام بدر, الذي أكد أن استهداف قوات الاحتلال “الممنهج” ل”شهود الحقيقة” صار أمرا مألوفا, بعد أن أصبحت الصحافة جريمة, مشيرا إلى أن الصحفيين أصبحوا يواجهون الاحتلال بصدور عارية, سلاحهم الوحيد القلم و الكاميرا و الميكرفون.
و أوضح بأنه “لا يوجد أي مكان امن في كل القطاع و نعتبر أنفسنا في كل لحظة مشاريع شهداء. حالة الخوف لا تفارقنا خاصة في ظل استهداف عائلاتنا أيضا”.
و أبرز المتحدث, بدوره, عدم قدرة الصحفيين على الوصول إلى المعلومات نتيجة قلة الإمكانيات مع قطع الاحتلال لشبكة “نات” لفترات طويلة, و هذا ما يحول – يضيف- ” دون تغطية جميع المجازر بسبب كثرتها و قلة عدد صحفيين”, مردفا : “هناك مجازر كبرى ترتكب و لا يجد من يغطيها”.
و يرى المتحدث أن “إمعان الاحتلال في استهداف الصحفيين دليل على أنه يخافهم و يخشاهم و أن الرسالة وصلت إلى العالم”.
و في رسالة للمجتمع الدولي, ناشد السيد بدر سلام جميع الهيئات الدولية للعمل على إيقاف الكيان الصهيوني عند حده و إعلان هذا الكيان “قاتلا “للصحفيين, لأنه لم يسبق في تاريخ العالم كله أن استهدفت حرية الرأي و التعبير بهذا الشكل. كما دعا كل المؤسسات الصحفية إلى “مقاطعة هذا الكيان الصهيوني”, مشددا على ضرورة ملاحقة هذا الكيان في المحافل الدولية لارتكابه جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني.
و عن معاناة الصحفيين في مواجهة آلة التقتيل الصهيونية, كتب الصحفي إسماعيل الغول قبل استشهاده منشورا على “الفايسبوك”, جاء فيه : “دعني أخبرك يا صديقي بأنني أصبحت لا أعرف طعم النوم, جثامين الأطفال و الأشلاء و صور الدماء تكاد لا تفارق عيناي. صرخات الأمهات و بكاء الرجال و قهرهم لا تغيب عن مسامعي.. لا أستطيع تجاوز صوت الأطفال من أسفل الركام, غير قادر على نسيان صوت الطفلة الذي يتردد في كل لحظة و صار مثل الكابوس”, مضيفا : “الأمر بات مرعبا أن تقف أمام الجثامين الملقاة و العالقة و الممدة و المتكدسة, و مرعبا أكثر حينما تمر على الأحياء الذين يصارعون الموت تحت منازلهم ولا يجدون سبيلا للخروج و النجاة, لقد تعبت يا صديقي..”.